يقول الدكتور واين داير: “السعادة لا تأتي من الخارج، بل تنبع من داخل الإنسان. عندما يعتني الفرد بنفسه عاطفيًا ونفسيًا، يجدها في كل جوانب حياته.” وإن لما ذكره معنى عظيم لفهم طبيعة واحدة من أهم الاحتياجات البشرية لتحقيق الحياة المتوازنة بل لتحقيق وجود الحياة في كثير من الأحيان، وبالتزامن مع زيادة وعي الناس حول أهمية الصحة النفسية؛ كان لابد من تضخيم المحتوى الإرشادي الذي يوجه الناس إلى ما يبحثون عنه.
وإن واحدة من أهم ركائز التوازن النفسي هو فهم الإنسان لحقيقة أن هناك عاملًا نفسيًا قد يؤدي اختلاله إلى تغيير أداء الإنسان في مختلف نواحي حياته. حيث يعزى هذا العامل النفسي غالبًا إلى الضغوط الحياتية، القلق، أو حتى الاكتئاب. فهم هذه الحقيقة يساعد الإنسان على التحكم في تفاعلاته العاطفية وفهم العوامل التي تؤثر على حالته النفسية.
تعد عملية التحسين النفسي تحفيزية لتعزيز النمو الشخصي والتنمية المستمرة. يمكن للإنسان أن يبني نمطًا صحيًا للتفكير والتصرف يسهم في الحفاظ على التوازن النفسي. بالتالي، يصبح الفهم الدقيق للعوامل النفسية وتأثيرها على حياة الإنسان ليس فقط أداة لتحسين الصحة النفسية، بل وسيلة لتحسين العلاقات الشخصية والمهنية وتحقيق النجاح الشخصي
توازن الصحة النفسية
يتأثر بمجموعة متنوعة من العوامل الشخصية والمجتمعية وغيرها التي ترسم لوحة معقدة لحالة الفرد النفسية. من الناحية الشخصية، تلعب العوامل الجينية والوراثية دورًا في تحديد الاستجابة الفردية للضغوط والتحديات الحياتية.
أما من الناحية المجتمعية، فتعد العلاقات الاجتماعية والدعم الاجتماعي ذات تأثير كبير على الصحة النفسية الفردية حيث أن الاندماج في مجتمع داعم يقدم الدعم العاطفي والاجتماعي يعزز الشعور بالانتماء ويسهم في تحسين الصحة النفسية. فحتى العوامل البيئية تلعب أيضًا دورًا هامًا، لذلك يعدّ التعرض المستمر للضغوط البيئية والتلوث السمعي والبصري سببا أساسيا في زيادة مستويات التوتر والقلق. كما يمكن أن تلعب الأنماط الغذائية ونوعية النوم دورًا في تأثير الصحة النفسية.
للحفاظ على الصحة النفسية
يلزم الفرد اتخاذ مجموعة من الخطوات الفعّالة التي تعزز التوازن والرفاهية النفسية. أولاً وقبل كل شيء، يُشدد على أهمية الرعاية الذاتية، حيث يجب على الفرد الاهتمام بنواحي حياته المختلفة، بما في ذلك النوم الكافي والتغذية الصحية وممارسة الرياضة بانتظام.
يمكن للتحكم في مستويات التوتر أن يكون له تأثير كبير على الصحة النفسية، لذا يُفضل تبني تقنيات التأمل والاسترخاء للتخفيف من التوتر وتعزيز الهدوء الداخلي. كما يساعد البقاء على اتصال اجتماعي فعّال، سواء عبر العائلة أو الأصدقاء، في توفير دعم عاطفي وتعزيز الانتماء.
ولا يمكن تهميش أهمية مراجعة الطبيب بانتظام عند الشعور بالحاجة، حيث تعد خطوة حيوية للحفاظ على الصحة الشاملة والوقاية من المشاكل الطبية المحتملة، فالطبيب هو المحترف الصحي الذي يمتلك الخبرة والمعرفة اللازمة لتقديم الرعاية الفعّالة وتقديم النصائح التوجيهية التي تساعد على الحفاظ على صحة الفرد وحماية حياته في كتير من الأحيان.
في الختام، تحقيق التوازن النفسي يتطلب جهوداً مستمرة وتفانيًا، ولكن الفوائد الطويلة الأمد للحفاظ على الصحة النفسية تجعل كل هذه الجهود جديرة بالتكرار. لذلك، لنكن مصدر إلهام لأنفسنا وللآخرين للسعي نحو الرفاهية الشاملة وذلك من خلال رفع مستوى الوعي حول الصحة النفسية والتشجيع على الاهتمام بالنواحي الشخصية والمجتمعية، نكون قد أسهمنا في خلق مجتمع يسعى جميع أفراده إلى الازدهار الشخصي والعام، حيث أن الاعتناء بالصحة النفسية يعزز ليس فقط جودة حياة الفرد، بل يسهم أيضًا في بناء مجتمع أكثر صلابة وتفاعلًا.
كتابة : Rand Barghouthi | أقر أيضا : اخلاقيات الصيدلة وتشريعاتها