إنشاء حساب

الصيدلة الجينية: كيف تُشكّل جيناتنا استجابتنا للأدوية

25 Views

شهد قطاع الرعاية الصحية والطب الحديث تحولًا نحو نهج علاجي مخصص، حيث يتم تصميم العلاج أو الدواء بناءً على المعلومات الجينية للمريض. هنا يأتي دور علم الصيدلة الجيني، حيث يجمع هذا العلم بين علم الأدوية وعلم الجينات لفهم كيفية تأثير التعبير الجيني للفرد على استجابته للأدوية. مع علم الصيدلة الجيني، ندخل عصرًا جديدًا لم يعد فيه “الدواء الواحد يناسب الجميع”، حيث لم يعد من المقبول أن يتلقى جميع المرضى نفس الدواء وبنفس الجرعة.

ما هو علم الصيدلة الجيني (Pharmacogenetics)؟

علم الصيدلة الجيني هو فرع من فروع علم الصيدلة، وهو العلم الذي يقوم بدراسة كيفية تأثير الجينات على استجابة المرضى للأدوية. بمعنى آخر، هو دراسة سبب اختلاف استجابة المرضى لبعض الأدوية بشكل جيد، بينما قد لا يستفيد منها بعض المرضى أو قد يتعرضون لآثار جانبية خطيرة، وكل ذلك بسبب اختلافاتهم الجينية. يهدف هذا المجال إلى تطوير أنظمة دوائية مصممة خصيصًا بناءً على التركيب الجيني للمريض، لتكون هذه الأدوية أكثر فعالية وأمانًا، ولعلاج كل مريض على حدة.

كيف تؤثر الجينات على استجابتنا للأدوية؟

تحمل الجينات التعليمات التي تتحكم في كيفية عمل الجسم، بما في ذلك كيفية امتصاص واستقلاب ونقل وتفاعل الجسم مع الأدوية. لذلك، فإن اختلاف الجينات من شخص لآخر قد يؤدي إلى اختلاف كبير في الاستجابة لنفس الدواء.

● الاستقلاب (Metabolism)

معظم الأدوية يتم استقلابها – أي تفكيكها – في الكبد عن طريق إنزيمات خاصة، مثل إنزيمات CYP450. الجينات المسؤولة عن هذه الإنزيمات تختلف من شخص لآخر، فتؤثر على سرعة الاستقلاب:

  • مستقلب سريع (Rapid Metabolizer):
    يستقلب الدواء بسرعة كبيرة، وبالتالي لا يبقى الدواء فترة كافية ليعطي مفعوله، وقد يحتاج الشخص لجرعة أعلى حتى يعطي الدواء مفعوله.
  • مستقلب بطيء (Poor Metabolizer):
    يستقلب الدواء ببطء شديد، وبالتالي يتراكم الدواء في الجسم ويزداد خطر التسمم والآثار الجانبية.

مثال: دواء كودايين (Codeine) يتحول في الكبد إلى مورفين عن طريق إنزيم يُسمى CYP2D6. بعض الأشخاص لديهم نسخة نشطة جدًا من الجين، فيتحول الكودايين بسرعة كبيرة إلى مورفين، مما يزيد خطر التسمم. وآخرون لديهم نسخة ضعيفة – بطيئة – من هذا الجين، وبالتالي لا يتحول الكودايين إلى مورفين بشكل كافٍ، فلا يشعر المريض بأي تأثير مسكن.

● النقل (Drug Transport)

بعض الجينات تتحكم في البروتينات الناقلة التي تنقل الدواء إلى داخل أو خارج الخلايا أو عبر الحواجز (مثل الحاجز الدموي الدماغي). الخلل في هذه الجينات قد يؤدي إلى:

  • عدم وصول الدواء إلى المكان المطلوب.
  • تراكم الدواء في مناطق معينة.

مثال: بروتين P-glycoprotein يتحكم في مرور الأدوية إلى الدماغ. طفرات في هذا الجين قد تغيّر نسبة الدواء التي تستطيع الوصول إلى الدماغ، وبالتالي تؤثر على مدى فاعلية أدوية الجهاز العصبي.

● التأثير الدوائي (Drug Target)

بعض الأدوية تعمل من خلال الارتباط بمستقبلات معينة على سطح الخلايا. الجينات التي تتحكم في شكل أو عدد هذه المستقبلات قد تؤثر على فعالية الدواء، أو ظهور مقاومة ضد بعض الأدوية، وبالتالي عدم الاستفادة من العلاج.

مثال: دواء سالبوتامول (Salbutamol) لمرضى الربو يرتبط بمستقبل β2 في الرئة. بعض الأشخاص لديهم طفرات في جين المستقبل تجعله أقل استجابة، مما يقلل من مفعول الدواء.

● الآثار الجانبية وسمّية الدواء

بعض الجينات تتحكم في كيفية تفاعل الجسم مع الدواء أو نواتجه الثانوية. وجود طفرات قد يزيد من خطر رد فعل تحسسي خطير، أو يسبب تلفًا في الكبد، أو اضطرابًا في الدم.

مثال: دواء كاربامازيبين (Carbamazepine) قد يسبب طفحًا جلديًا خطيرًا عند الأشخاص الذين لديهم طفرة جينية، خاصة في بعض المجموعات العرقية مثل جنوب شرق آسيا.

التحديات والتوقعات المستقبلية

على الرغم من أن علم الصيدلة الجيني واعد، إلا أنه لا يزال في طور التطور ويواجه العديد من التحديات:

  • التكلفة وصعوبة الوصول إلى الاختبارات الجينية
  • نقص الوعي أو التدريب لدى مقدمي الرعاية الصحية
  • محدودية الإرشادات لبعض تفاعلات الأدوية مع الجينات

ورغم هذه العقبات، يشهد هذا المجال تقدمًا سريعًا مع استمرار الأبحاث، وتنامي قواعد البيانات، وتحسين إمكانية الوصول إلى الاختبارات الجينية.

علم الصيدلة الجيني يعيد تعريف وتشكيل مستقبل الصيدلة ورعاية المرضى. وبصفتنا صيادلة، فإن تبني هذا الابتكار سيعزز قدرتنا على تقديم علاجات آمنة وفعالة ومُصممة خصيصًا لكل مريض. ومن خلال فهمنا للتركيبة الجينية لكل مريض، يُمكننا الانتقال من وصف الأدوية بشكل تفاعلي إلى علاج استباقي دقيق، مما يُحسّن النتائج ويُنقذ الأرواح في نهاية المطاف.

إذا كنت مهتمًا بمعرفة المزيد حول طرق زيادة المبيعات داخل الصيدلية، فبإمكانك طلب العرض المجاني لنظام اومت لإدارة الصيدليات. سيقوم فريق من الخبراء لدينا بشرح كافة التفاصيل لتتمكن من البدء في تحسين مبيعات صيدليتك.

للأسئلة الشائعة اضغط هنا

انشر مقالك على مدونة أومت الآن!

مقالات قد تعجبك