إنشاء حساب

‎الإشراف على استخدام المضادات الحيوية: هل أصبح الوقت حاسمًا؟

46 Views

لم تكن المضادات الحيوية مجرد أدوية، بل ثورات طبية أنقذت ملايين الأرواح. بفضلها، أصبح علاج العدوى البكتيرية ممكنًا، وانخفضت معدلات الوفاة، وتوسعت خيارات العلاج في مختلف التخصصات. لكن الاستخدام غير المنضبط لها بدأ يهدد فعاليتها بشكل واضح.

في السنوات الأخيرة، ازداد الحديث عن “الإشراف على استخدام المضادات الحيوية”، مفهوم بسيط في شكله، لكنه جوهري في تأثيره:

  • هل نحن نستخدم المضادات الحيوية بالطريقة الصحيحة؟
  • ما هو الإشراف على المضادات الحيوية فعلاً؟

هو التزام طبي وعلمي يهدف إلى ضمان وصف المضاد المناسب، للمريض المناسب، بالجرعة المناسبة، وفي الوقت المناسب. ليس بهدف التقليل من الاستخدام فقط، بل للحفاظ على فاعلية هذه الأدوية لأطول فترة ممكنة.

الفكرة ليست جديدة، لكنها اليوم لم تعد خيارًا، بل ضرورة. مع ظهور بكتيريا مقاومة لمجموعة واسعة من المضادات، أصبحنا نواجه عدوى لم تعد تستجيب للعلاجات التقليدية، مما يطيل مدة المرض، ويزيد من المضاعفات، وربما يعيدنا إلى عصر ما قبل المضادات.

هل يقتصر الأمر على الطبيب؟
بالطبع لا. الصيدلي يلعب دورًا رئيسيًا، ليس فقط في صرف الدواء، بل في تقييم ملاءمته، وتثقيف المريض حول الجرعة والمدة، وتحذيره من الاستخدام غير المبرر. والمريض بدوره مسؤول عن عدم الإصرار على مضاد لكل نزلة برد، وعدم استخدام وصفات قديمة، وعدم مشاركة الدواء مع الآخرين.
فثقافة الاستخدام الرشيد للمضاد يجب أن تبدأ من المجتمع قبل العيادة.

ما التحدي الحقيقي؟
التحدي لا يكمن فقط في توعية مقدمي الرعاية، بل في تغيير سلوك المريض، الذي تعوّد أن يربط الشفاء بالمضاد الحيوي، بغض النظر عن نوع العدوى. كما أن غياب المتابعة أحيانًا يؤدي لتكرار صرف المضادات لنفس الحالة دون مراجعة فعالية العلاج السابق.
هناك أيضًا تحديات تتعلق بالوصول إلى تشخيص دقيق وسريع، ما يدفع بعض الممارسين لوصف المضادات وقائيًا، وهو ما يزيد المشكلة سوءًا.

هل ما زال هناك وقت؟
نعم، لكنه ينفد. كل مضاد حيوي يُستخدم بلا حاجة هو فرصة لبكتيريا جديدة أن تتعلم كيف تنجو. كل جرعة غير مكتملة تفتح بابًا لمقاومة شرسة.
الحل ليس في التوقف عن العلاج، بل في العودة إلى الاستخدام العلمي المنضبط.

الخلاصة:
الإشراف على استخدام المضادات الحيوية ليس مشروعًا طبيًا فقط، بل هو مسؤولية مشتركة بين جميع عناصر المنظومة الصحية، وبينهم المريض نفسه. الوعي اليوم هو حمايتنا غدًا.
فلنحافظ على هذه الأدوية كما نحافظ على حياة من نحب.

انشر مقالك على مدونة اومت الآن!

مقالات قد تعجبك