في مقابلة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أذاع خبرا شدّ انتباه الكثير من الأطباء والباحثين، حيث قال إن العلماء الروس يقتربون من إنتاج لقاحات للسرطان قد تكون متاحة للمرضى قريبًا، وجاء هذا الإعلان جاعلا اللقاحات الموجهة لعلاج السرطان موضوعًا هامًا يستحق البحث والتفكير. وعلى الرغم من قلّة المعلومات حول اللقاح المذكور أعلاه، إلا أنه لابد من التطرق إلى ما توصل إليه العلم من لقاحات فعّالة أسهمت في علاج الكثير من أنواع السرطان وحالاته.
أنواع لقاحات السرطان
تعتبر لقاحات علاج السرطان نوعًا من العلاج المناعي، حيث تعزز دفاعات الجسم لمحاربة السرطان. في هذا السياق، يمكن تصنيع هذه اللقاحات بطرق مختلفة، حيث صنّف العلماء هذه الأنواع إلى ثلاثة أقسام:
١-لقاحات مصنوعة من الخلايا السرطانية:
حيث يتم إنتاج هذه اللقاحات باستخدام الخلايا السرطانية الخاصة بالشخص المصاب، وتعتبر مصممة خصيصًا لتحفيز جهاز المناعة للتعرف على ومهاجمة الخلايا السرطانية الفريدة للفرد. يتم استخدام هذه اللقاحات لتكوين ذاكرة مناعية تستجيب بشكل فعّال إذا ما تمت إعادة ظهور السرطان.
٢- لقاحات مصنوعة من المستضدات المرتبطة بالورم:
يتم إعداد هذه اللقاحات باستخدام المستضدات الموجودة في الخلايا السرطانية لعدة أشخاص يعانون من نفس نوع السرطان. وتهدف إلى تعزيز استجابة المناعة للمستضدات المرتبطة بالورم، مما يؤدي إلى استهداف الخلايا السرطانية بشكل أكثر فعالية.
٣- لقاحات مصنوعة من الخلايا الجذعية:
تعتمد هذه اللقاحات على الاستفادة من الخلايا الجذعية لتحفيز جهاز المناعة. يتم استخدامها لتحفيز استجابة مناعية تستهدف مستضدًا محددًا على سطح الخلايا السرطانية. يعد استخدام الخلايا الجذعية أساسًا مهمًا لتحسين قوة استجابة المناعة ضد السرطان
بدأ العلماء في الولايات المتحدة رحلة تطوير لقاحات لعلاج السرطان، حيث أقرت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) حتى الآن بعدة لقاحات لعلاج أنواع معينة من السرطان وكان أهمها الآتي:
لقاح Sipuleucel-T:
يستخدم لعلاج سرطان البروستاتا وقد تمّت الموافقة على لقاح الخلايا الجذعية “Sipuleucel-T” لعلاج بعض الرجال المصابين بسرطان البروستاتا المتقدم. يستخدم هذا اللقاح للأشخاص الذين يعانون من سرطان البروستاتا الذي انتشر إلى أجزاء أخرى من الجسم، والذين لديهم أعراض قليلة أو معدومة، يعمل اللقاح عن طريق إزالة بعض خلايا المناعة من الجسم، وتعريضها لجزيء من خلايا سرطان البروستاتا، ثم إعادة حقنها إلى الجسم. أيضا، أثبت اللقاح فعاليته في تمديد فترة البقاء لدى الأشخاص الذين يعانون من سرطان البروستاتا المتقدم.
لقاح BCG live
يستخدم لعلاج سرطان المثانة في مراحله المبكرة ويتمثل اللقاح في بكتيريا السل الحية المضعفة حيث يقوم اللقاح على تحفيز نظام المناعة لمهاجمة خلايا سرطان المثانة.
لقاح Talimogene laherparepvec:
يستخدم لعلاج سرطان الميلانوما، يتضمن اللقاح فيروسًا تم تحوره جينيًا لتعزيز استجابة المناعة ضد الخلايا السرطانية وذلك عن طريق حقن اللقاح مباشرة في الموقع الذي يحتوي على الورم. سريريّا، تم استخدام لقاح “T-VEC” في علاج بعض الأشخاص المصابين بسرطان الجلد، اعتمد هذا اللقاح على فيروس الهربس البسيط من النوع 1 لاستهداف الخلايا السرطانية دون الضرر بالخلايا الطبيعية.
الآثار الجانبية التي قد تنشأ نتيجة لتلقي اللقاحات
على الرغم من الفوائد المحتملة، قد تسبب لقاحات علاج السرطان آثارًا جانبية. يمكن أن تشمل هذه الآثار الجانبية:
– حمى وقشعريرة.
– ضعف ودوخة.
– الغثيان والقيء.
– آلام العضلات والمفاصل.
– تعب وصداع.
في بعض الحالات، يمكن أن يحدث رد فعل تحسسي شديد، لذلك يجب على الأفراد البحث عن علامات الآثار الجانبية والتحدث مع الأطباء إذا كانت هناك أية مشكلات. أيضًا، يُشير الباحثون إلى أن Sipuleucel-T يمكن أن يسبب السكتة الدماغية، في حين يمكن لـ T-VEC أن يؤدي إلى متلازمة تحلل الورم. مما يجعل الاستفادة من اللقاحات تحمل بشكل حقيقي بعض المخاطر والتحديات.
التحديات السياسية والاقتصادية المعيقة للتقدم في المجال الحيوي.
يواجه مجال المطاعيم السرطانية تحديًا كبيرًا يتمثل في احتكار الدول الكبيرة لنتائج البحوث العلمية التي قد تسهم بشكل كبير في تقديم علاج فعّال للسرطان. يظهر هذا الاحتكار على شكل استحواذ على المعرفة العلمية والتكنولوجية من قبل دول ذات نفوذ كبير، حيث تميل إلى توجيه الاهتمام والدعم المالي نحو الأبحاث التي تخدم مصالحها السياسية والاقتصادية. في كثير من الأحيان، تكون الدول الصغيرة ذات الموارد المحدودة تأتي بإسهامات هامة في مجال البحث العلمي، حيث يمكن أن يكون لديها فهم فريد للمشكلات والتحديات التي قد تكون ذات صلة بسكانها. ومع ذلك، يعيقها غياب التمويل الكافي ونقص الدعم السياسي من تحقيق إمكانياتها الكاملة.
إن عدم توفير الدعم الكافي لتلك الدول يمكن أن يؤدي إلى تهميش تقدمها في مجال المطاعيم السرطانية، وقد يصل الأمر إلى حد تعريض علماء تلك الدول للخطر، سواء كان ذلك بشكل مباشر من خلال تجاهل أبحاثهم أو حتى بشكل أكثر خطورة عبر التلاعب بالموارد المتاحة لهم، أو حتى استهدافهم شخصيًا.
في ظل التطورات المثيرة في مجال لقاحات علاج السرطان يظهر المستقبل واعدًا، ومع الاستمرار في البحث والتطوير، قد تكون لدينا أدوات جديدة فعّالة في مواجهة المرض الفتّاك. أيضًا توقيع اتفاقيات للتجارب السريرية وتقدم البحوث في شتى أنحاء العالم يظهر أن لدينا آفاقًا واعدة في مجال لقاحات علاج السرطان، فالتفاعل الإيجابي مع الخلايا السرطانية يمكن أن يخلق تحولًا في تحسين نتائج علاج السرطان وتحقيق الشفاء.
كتابة : Rand Barghouthi | أقر أيضا : اخلاقيات الصيدلة وتشريعاتها